الثلاثاء، 11 أكتوبر 2011

عباس بيضون: طائر الفينيق


100 كلمة عباس بيضون: طائر الفينيق

الأهالي : 12 - 08 - 2010



إذا قلت «هذا هو الدرويش»، فأنت تشير إلي عباس بيضون. لكن عباس بيضون درويش مابعد حداثي، يكتب قصيدة النثر، ويملك عقلية نقدية نافذة. وهو درويش لا يحوز طمأنينة الدراويش، ولا يستقر علي نعمة اليقين: ضاقت عليه الاطر كلها، أو هو اتسع عنها: اطار قصيدة التفعيلة، وإطار منظمة العمل الشيوعي اللبناني، وإطار القوميين العرب، وإطار حزب البعث، واطار الحزب الشيوعي اللبناني، كل هذه الصناديق دخلها ثم سرعان ما غادرها ليتواءم مع نفسه فحسب، مع الوعي النقدي الجارح والرؤية الشعرية الكاشفة الأليمة.
عباس بيضون الشاعر اللبناني العذب، الذي أصر علي البقاء في «صور» اثناء اجتياح اسرائيل للبنان عام 1982، حتي اعتقلته القوات الإسرائيلية لفترة غير قصيرة هذا الدرويش الساخر في ألم ومرارة، والمتألم في سخرية وتهكم، اختارته سيارة طائشة وهو يعبر الطريق، هائما في ملكوت الشعر والمخيلة، لتحطم ضلوعه وأطرافه وكثيرا من اعضاء جسمه، ليخضع لما يزيد علي عشر عمليات جراحية كبيرة وهو ما يزال في غرفة العناية المركزة بمستشفي الجامعة الامريكية ببيروت، يغيب عن الوعي كثيرا، ويفيق إلي الوعي قليلا. الوعي، الشعري والنقدي، الذي هوثروته الوحيدة.
لعباس بيضون دواوين: الوقت بجرعات كبيرة، صور، صيد الامثال، مدافن زجاجية، زوار الشتوة الاولي، نقد الالم، حجرات، خلاء هذا القدح، اشقاء ندمنا، لمريض هو الامل.
لفظ في البرد، الجسد بلا معلم، شجرة تشبه حطابا، ب ب ب، بطاقة لشخصين ورواية بعنوان: تحليل دم. وكتاب ثقافي بعنوان ربما، قليلا، علي الأرجح».
ولد عام 1945 في قرية شحور بقضاء صور جنوب لبنان، وشكل في منتصف السبعينات مع بعض زملائه من شعراء الجنوب ظاهرة «شعر الجنوب اللبناني المقاوم» ذي الطابع الوطني والسياسي والاجتماعي، الذي وازي في ذلك الحين شعر المقاومة الفلسطينية نذكر من زملائه من ظاهرة «شعراء الجنوب اللبناني» محمد علي شمس الدين، شوقي بزيع، محمد العبدالله، حسن العبد الله، جودت فخر الدين، الياس لحود وغيرهم.
عباس بيضون الآن، في المستشفي بعظام متكسرة، يحس بالألم، لكنه يمارس معه «نقد الألم»، وينظر الي الحياة ويقول لنفسه «خلاء هذا القدح»، لكننا، وكل محبيه، نقول له: قم أيها الشاعر، الساخر، الدرويش، قم منه كبوة الحصان العابرة، ثم يابن الجنوب اللبناني، كما يقدم طائر الفينيق من رماد احتراقه مرفرفاً بحياة جديدة وقلب سليم، وردد لنفسك بعض شعرك الذي يقول: «أي يد شيطانية / تحيل الورود رمادا / تصبغ المآقي / بالخوف والهلع / وانت جالس هنا / تصارع اللا حول واللا قوة / تنقر اصابعك علي الطاولة / دون وعيك / واقفا تري / انعكاس ظلك / علي البلاط».
ياعباس بيضون ايها الدرويش النادر، ظلك ليس علي البلاط، ظلك علي قلوب محبيك، ظلك علي الشعر، ظلك علي المحبة فانهض ياعصفور النار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق